العولمة والهوية الثقافية - AN OVERVIEW

العولمة والهوية الثقافية - An Overview

العولمة والهوية الثقافية - An Overview

Blog Article



وكذلك تنفصل تماماً دول البلطيق وجورجيا من روسيا بينما الدول الإسلامية فاستقلاها غير كامل.

ذلك أن قدرة العولمة الثقافية في فرض وجودها واستمرارها لن يتحقق ما لم تراع هذه العولمة خصوصية ثقافات المجتمعات، ومراعاة تاريخ الشعوب وحقوقهم الثقافية.

وليس هناك ثقافة واحدة وإنما تسود أنواع وأشكال ثقافية منها ما يميل إلى الأنغلاق والأنعزال، ومنها ما يسعى إلى الأنفتاح والإنتشار.

وهذا ما حدا بالبعض إلى أن يسميها الأمركة، وللأسف إن أمريكا لا تهدف إلى تطبيق قيمها فحسب، بل إنها تنطلق من مصالحها الذرائعية المجردة من المبادئ والتي تكيل بمكيالين والتي تشكل خطورة عظيمة على القيم والأخلاق والهويات لا سيما الإسلامية.

لكن انتقاد العولمة الثقافية، بحجة ما تحمله من قيم بعيدة عن الهوية الثقافية المحلية للمجتمعات، لا يكون بالأساس عن طريق تأكيد الهوية وترسيخها والتشبث بها كنسق مغلق، لأن ذلك لن يمكن المجتمع أن يساير العصر وما ينتجه من ثقافة وإبداع وفكر وتقدم معرفي بصفة عامة، بل يبقى مشدوداً إلى الفكر الجامد، غير القادر على التحرّر الثقافي من النسق القيمي للثقافة المحلية أو الخصوصية.

إلا أن الكاتب رغم اعترافه بنجاح العولمة في الجانب الاقتصادي والعسكري إلا أنها لن تتمكن من إقصاء الهويات الثقافية القائمة على أساس ديني، لذلك ينصحنا بضرورة تفعيل هويتنا والمساهمة في نشر إشعاعها وتعريف الأجيال الصاعدة بها.

لا يمكن - إذن - أن نكره شخصًا نعرف ثقافته، ونعرف هويته التي تميّزه.. ولكننا في المقابل ربما نكره شخصًا ما فقط لأننا نجهله، أو نحتفظ بانطباع سيئ وصل إلينا عن بلده التي قصّرت في تصحيح ذلك الانطباع، وتصدير ما لديها من إمكانات ثقافية، تجعل الآخر يتعرّف عليها عن عمّق؛ ليتحقق بذلك التعاون والتشارك, وليتلاشى التخوّف من المجهول والتسليم للانطباعات المغلوطة.

انطلاقاً من الفصل الأول من أن العولمة وصف لظواهر متعددة كالتقدم المذهل في وسائل الاتصال والانفتاح المعلوماتي وذهاب الحواجز بين الدول مع سلطة القطب الواحد الذي يسعى للهيمنة الاقتصادية والعسكرية والثقافية والسياسية.

كما أن الحفاظ على الثقافة الوطنية لا يعني إقصاء ثقافة الآخر؛ لأننا نحتاج إلى أن نفهم الآخر، ونتعرّف عليه؛ حتى يتسنى لنا تحقيق التبادل تعرّف على المزيد الثقافي على أكمل وجه، وإزالة أي فهم أو انطباع خاطئ ناتج من الجهل بالاختلافات الثقافية بين الشعوب. وبذلك تحمي الدول هويتها من التأثير السلبي للخمول الثقافي في نظام العولمة النشط.

أما إذا انتقلنا إلى السلوك والأخلاق فإن المبادئ الأخلاقية التي تتهاوى في الغرب يوماً بعد يوم حيث سيادة المصالح والمنفعة واللذة و تعظيم الإنتاج والاستهلاك.

وهناك وسائل عديدة لمواجهة خطر العولمة في المجالات المتعددة: 

بعد التغييرات الجوهرية التي طرأت على الحياة المعاصرة، وحلول عصر العولمة الذي نعيش تفاصيله وتطوراته يومًا بعد يوم، أصبحنا كلنا أفرادا نتقاسم هذا العالم كمجتمع واحد يواجه المخاطر ذاتها ويتشارك مختلف السمات على الرغم من جميع الاختلافات في الهويات والثقافات والتجارب، ومع تزايد الاهتمام في الأيام الأخيرة بموضوع الهوية لوطن أو مجتمع ما ومع تكثيف النقاشات والأطروحات المهتمة بالموضوع بجوانبه المختلفة، فإنه ما زال مفهومًا فضفاضًا صَعُبَ تحديده، ولكن تم تقسيمه إلى مفاهيم فرعية كالهوية الشخصية أو الفردية، والهوية الاجتماعية والثقافية، والهوية الجماعية، واختص اهتمام الهوية الجماعية بهوية القوميات والأقليات الثقافية، الدينية أو الإثنية، وذلك حسب تعريف معجم العلوم الإنسانية لجان فرنسوا دورتيه، فباعتبار أن الهوية ما هي إلا مجموعة الأوصاف والسمات الخاصة بالموصوف، أو في رؤية أخرى تصبح مجموعة الصور والسمات العامة التي يطلقها الآخر، وقد عرفتها الكاتبة منى الدسوقي على أنها ببساطة "من نحن؟ على المستوى الجماعي، ومن أنا؟ على المستوى الفردي"، ولغويًّا ورد تعريف الهوية في المعجم الوسيط على أن الهُوية هي إحساس الفرد بنفسه وفرديته وحفاظه على تكامله وقيمته وسلوكياته وأفكاره في مختلف المواقف.

تفتح ثقافة الشعوب نافذة للاتصال الفكري والتعاون، وتؤسس هوية مستقلة مميزة. وكلما اتّسع الاختلاف الثقافي تحقق التميُّز، وزادت ضرورة التقارب من خلال حاجة الآخر إلى التعرّف على المختلف، وفهم طبيعة اختلافه. يقول سايمون آلهوت: «إذا تعرّفت على الآخرين، من خلال فهم ثقافتهم ومشاركتها، فمن الصعب أن تكرههم».

فهناك من اعتبرها أخطر من العولمة الاقتصادية بما تحمله من قيم غربية تريد أن تفرضها كنموذج مثالي على باقي الثقافات العالمية.

Report this page